الاثنين، 28 مايو 2012

الاشعاعات

الإشعاعات

الإشعاعات radiations هي طاقة صادرة عن جسم ما على شكل أمواج أو جسيمات. وقد عرف أولاً الشكل الموجي الذي يكوّن الإشعاعات الكهرمغنطيسية ويمثله الضوء المرئي وإشعاعات α [ر. الإشعاع النووي الناشط] في آواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ثم تبين مع ظهور ميكانيك الكم[ر] عدم وجود حواجز فعلية بين الشكلين إذ يمكن أن تظهر الأمواج وكأنها جسيمات تحمل كميات محددة من الطاقة سميت الفوتونات، كما يمكن أن ترافق الجسيمات أمواج تعتمد أطوالها على اندفاعاتها، وهو ما يعرف بالمثنوية الموجية ـ الجسيمية، ويهيمن أحد المظهرين تبعاً للترتيبات التجريبية، ويسمى جزء من هذه «الإشعاعات» أو نوع منها «الأشعة» rays، وذلك لأنها تسير منطلقة من الجسم سيراً مستقيماً، حزمةً، إذا سارت في الخلاء الحر، في حين ترتبط الإشعاعات بمصدرها فيقال الإشعاع الشمسي ويقصد به كل ماتشعه الشمس، في حين يقال أشعة الشمس ويقصد مايصل منها في اتجاه معين.

الشكل (1) الترددات وأطوال الموجات المقابلة للإشعاعات الكهرمغنطيسية

تؤلف الإشعاعات جزءاً واسعاً من الموجات الكهرمغنطيسية التي لها خواص الضوء، وهي تمتد من الإشعاعات تحت الحمراء حتى إشعاعات غاما γ (الشكل 1) ومن المعروف منذ أمد بعيد أن أشعة الشمس الساقطة على موشور زجاجي تبرز منه مكونة بقعة تتوالى فيها الألوان من الأحمر حتى البنفسجي. وقد فسر ذلك بأن سرعة الضوء في الوسط الشفاف تختلف باختلاف لون الضوء، لذلك يتبدد الضوء الأبيض (ضوء الشمس مثلاً) إلى الألوان المكونة له. وتؤلف هذه البقعة ما يسمى الطيفالمرئي للضوء. وقد كشف جون هِرْشِل John Herschel في عام 1840 عن وجود إشعاعات غير مرئية عند الطرف الأحمر من الطيف المرئي، وأكد هذا الاكتشافُ، الذي تم بفحص تبخر الكحول، تجاربَ كان والده قد قام بها عام 1800 باستعماله ميزان الحرارة. ولم يبدأ التحري عن هذا المجال من الإشعاعات المسماة الأشعة تحت الحمراء[ر]، جدياً إلا بعد اختراع العمود الكهربائي الحراري[ر] thermoelectric pile ومقياس الطاقة الإشعاعية (البولومترbolometre) في عام 1881. وقد أصبح من المعروف اليوم أن الأشعة تحت الحمراء تمتد من 780 نانومتر (نانو متر = 10-9 متر). حتى 1000 مكرون (مكرون = 10-6 متر).

وتأتي بعد الأشعة تحت الحمراء الموجات «الهرتزية» (نسبة إلى العالم هرتز)، وقد تم تحقيق العلاقة بين هذين النوعين من الموجات عام 1923، وأمكن بوسائل كهربائية إصدار موجات تبلغ أطوالها الموجية بضعة أعشار المليمتر بوسائل كهربائية، وتمت دراسة هذه الموجات بطرائق ضوئية. وقد مكَّنت تجارب كثيرة من التحقق من أن للإشعاعات في المجال الهرتزي الخواص ذاتها التي للإشعاعات الضوئية.

وقد كان كشف الإشعاعات تحت الحمراء حافزاً للعلماء لأن يتحروا بالمثل عن وجود إشعاعات في الطرف البنفسجي من الطيف المرئي. وكان العالم الألماني ريتر Ritter أول من كشف وجود هذه الإشعاعات عام 1801 حين لاحظ أن الجزء غير المرئي المجاور للطرف البنفسجي يولد آثاراً كيمياوية إذ يسوِّد ورقة مطلية بكلور الفضة، وأُطلق على هذا المجال من الطيف غير المرئي الأشعة فوق البنفسجية[ر]، وتراوح أطوالها الموجية مابين 400 نانومتر ونحو 10 نانومتر.

ويمتد مجال الإشعاعات ذوات الأمواج القصيرة إلى مابعد ما فوق البنفسجي، ويتضمن الأشعة السينية[ر]، وتراوح أطوالها الموجية بين 30 نانومتراً و0.01 نانومتر؛ وقد اكتشفها رونتغن[ر] Wilhelm Conrad Rontgen عام 1895. وتُولَّد الأشعة السينية، بأنبوب كوليدج Coolidge وهو أنبوب مفرغ من الهواء، تصدر الإلكترونات فيه من سلك متوهج من التنغستن فيلتقطها المصعد anticathodeالمصنوع من التنغستن والذي تحيط به كتلة نحاسية زُوِّد الجزء الخارجي منها بألواح التبريد. ويمكن دراسة هذه الأشعة بفضل انعراجها بوساطة البلورات وقدرتها على تأيين الغازات، وبفضل تأثيرها في ألواح التصوير وتوليدها التألق في بعض المواد. ومن تطبيقاتها التصوير الشعاعي للجسم البشري، ومكافحة الغش والاحتيال بكشف المواد الممنوعة في بعض المنتجات التجارية، وكشف العيوب في القطع المعدنية. وقد تحققت العلاقة بين الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية عام 1920.

تصدر الجسيمات المشحونة المتسارعة إشعاعات كهرمغنطيسية أيضاً تعتمد شداتها وأطياف أطوالها الموجية على سرعاتها وتسارعاتها، وكانت هذه الإشعاعات تعد طاقة ضائعة ولكن دراستها التفصيلية أظهرت إمكان استخدامها منابع إشعاعات ممتازة إذا كانت طاقاتها عالية مثل الطاقات التي يحصل عليها في المسرعات وتسمى الإشعاع السنكرُتروني synchrotron radiation [ر. السنكرُترون] وهو يتصف بلمعان عال وترابط جيد.

وتأتي بعد الأشعة السينية إشعاعات غاما γ التي تصدرها الأجسام ذوات النشاط الإشعاعي[ر] والتي تولد آثار تأيين مشابهة [ر. الإشعاع النووي الناشط]، وهي إشعاعات تراوح أطوالها الموجية بين عُشْر الأنغستروم (أنغستروم= 10-10متر) وجزء من ألف من الأنغستروم، كما أن هناك إشعاعات تدخل في تكوين الأشعة الكونية[ر] وتولد الآثار نفسها وتصل أطوالها الموجية إلى أقل من جزء من ألف من الأنغستروم.

0 التعليقات :

إرسال تعليق

جديد الدروس