تمثلات السعادة : - ان الحديث عن السعادة يجرنا بالضرورة إلى الحديث عن تمثلاتها باعتبارها الخير الأسمى والغاية القصوى للكمال الإنساني وهذا الكمال يتحقق بفضل التأمل العقلي.في هذا الإطار نتساءل ما هي السعادة؟ بعبارة أخرى كيف تتجسد السعادة ؟ وهل هي نوع واحد أم أنواع متعددة ؟ => ينظم الفيلسوف الإسلامي "الفارابي " إلى هذا السجال بحيث يعتبر أن السعادة ليست مشتركة بين جميع الناس ، نظرا للاختلاف قوة الإدراك والذكاء لديهم فهناك من لديه القدرة على تحصيل السعادة إما عن طريق العادة والتقدم والتعلم وإما عن طريق الإدراك العقلي الخالص و إما عن طريق التخيل وهكذا يتبين وبجلاء أن " الفارابي" يؤكد على أن جميع الناس يجعلون من السعادة غاية لهم إلا أن سبل وبلوغ ونيل هذه السعادة متعددة ومختلفة . => ينخرط موقف الفيلسوف " ألان" إذ يبلور تمثلات السعادة من خلال الاستدلال أو توقع وجودها لان السعادة تقتضي الفعل والممارسة والعقل ونقصد هنا العمل الحر . خاصة وان السعادة تعتبر بمثابة ذلك الجزاء الذي يمنح لذلك الفرد الذي لم يبحث عنه إن الفيلسوف" ألان " يرفض تلك التصورات التي ترى بأن اقتفاء اثر السعادة امر ممكن . => وفي ذات السياق يرى " أفلاطون" أن تحصيل السعادة وبلوغها يخضع للتراتبية التي فرضتها الطبيعة إذ أن السعادة تنال حسب الاستعدادات الفطرية التي وفرتها الطبيعة لكل شخص وكذا المؤهلات التي وفرتها الطبيعة لكل طبقة من طبقات المجتمع ولذلك لا يمكن حسب ما يؤكده" أفلاطون" أن تتحقق السعادة بنفس القدر لدى جميع أفراد المجتمع. البحث عن السعادة: - في سياق حديثنا عن السعادة تعترضنا جملة من التساؤلات من قبيل كيف يمكن تحصيل السعادة ؟بعبارة أخرى هل هي غاية في حد ذاتها ام وسيلة لتحقيق أهداف أخرى؟ => يرى الفيلسوف اليوناني "أرسطو" ان السعادة تطلب لذاتها فهي غاية في حد ذاتها وليست وسيلة لتحقيق هدف آخر عكس الأمور الأخرى التي نكد في البحث عنها ليس في حد ذاتها بل من اجل بلوغ السعادة ان السعادة ملازمة للعقل وملازمة للفضيلة التي تتجسد في الخير الاسمى ان السعادة بما هي خير أسمى تكفي ذاتها ولا تفتقر إلى غيرها لأنها تعتبر غاية لأفعالها. => يؤكد لنا "ابيقور" على أن اللذة هي منطلق الحياة السعيدة ومبتغاها واللذة هنا تمثل الخير الاول والطبيعي وتتمثل في التفكير المعقلن الذي يجنب النفس كل خكأ او اضطراب او الم ان السعادة لا يمكن ان تنال بواسطة المتعة او اللذات التي قد يترتب عنها اضطراب أو غم أو كدر يستولي على النفوس ويسبب لها الآلام . => في ذات السجال ينخرط الفيلسوف الالماني "شوبنهاور" حيث يعتبر ان السعادة لحظية ومؤقتة وعابرة فرغم تحقيق السعادة وبلوغها فهي تبقى على الدوام سعادة سالبة اذ سرعان ما تطفو على السطح تلك الذكريات الاليمة وذلك الحرمان الذي يسود الحياة فشوبنهاور يرى انه من الضروري استحضار الحاجة والحرمان والألم إذ بدونها لن يتمكن أي فرد منا من بلوغ السعادة كما لا يمكن لأي منا الاستمتاع بما لديه . السعادة والواجب: - عوض الوقوف عند السعادة المشروطة بتحقيق الرغبات او إقصائها يمكن التساؤل لماذا لم نجعل من السعادة غاية تبنى داخل شبكة العلائق الانسانية ؟ ولماذا لا تصبح هذه الغاية موجها لتصرفات الذات تجاه نفسها وغيرها؟ => ينظم الفيلسوف الانجليزي " برتراند راسل" الى اشكالية السعادة والواجب بحيث يرى ان السعادة لايمكن ان تتحقق من التساوي للجميع لان الاحساس بالواجب تجاه الاخر يؤدي به الى الاهتمام اكثر من الاهتمام بالذات الامر الذي ينتج عنه تامين السعادة لطرف على حساب طرف اخر وقد اعتمد هذا الفيلسوف للدفاع عن موقفه على امثلة ترتبط بطبيعة العلاقة بين الاباء والابناء . الا ان هذا الفيلسوف يؤكد من جانب اخر على ان الانسانية الجيدة ينبغي ان توفر السعادة لجميع الطراف وليس لطرف واحد فحسب . => ينظر الفيلسوف الفرنسي " ألان" الى ان من الواجب ان نلقن الاطفال كيف يمكن ان يحيواْ حياة سعيدة رغم ان الظروف المعيشية لا تسمح بذلك في اغلب الاحيان ومن الواجب ايضا ان نلقن الاطفال كيفية كتمان ماسيهم وآلامهم لان البوح والجهر بها قد يكون سببا في تعاسة الاخرين فرغم ان الناس يستمتعون بمعرفة ماسي والام الاخرين فليس من واجب هؤلاء الجهر بها لان الحزن يعتبر بمثابة سم يمكن ان نرغب فيه لكن ليمكن ان نرتاح له . * ان السعادة الحقة حسب " الغزالي" هي سعادة الاخرة التي لا يبلغها الا من كان تقيا زاهدا صوفيا أي من ان ادرك انه من الواجب عليه كبح جماح اهوائه وتطهير نفسه والابتعاد عن الحياة الدنيا وملذاتها لانها زائلة و غير دائمة ويعتقد الغزالي انه اذا كانت السعادة هي الجسد الذي تتمثل في صحته او في تناول الدواء عند مرضه فان سعادة القلب لا تنال الى بالتقوى والمكاشفة والذوق الذي لا يمكن ان يتحقق سوى في العزلة والخلوة .
0 التعليقات :
إرسال تعليق